مبارك اردول يكتب.. رسائل الجنرال ياسر العطا! لمن ؟
تربطنا علاقة صداقة واحترام قوية مع الاخ الجنرال ياسر العطا ، عرفناه منذ ان كنا في الغابة نقاتل ضد نظام الانقاذ وقد ذكرنا ذلك في عدة مناسبات سابقة، وتوطدت علاقتنا أيام التفاوض مع المجلس العسكري، حيث كنا ضمن وفد قوى الحرية والتغيير المفاوض الذي وثق لشراكة المدنيين والعسكريين في الوثيقة الدستورية التي مازالت هي الحاكمة للبلاد منذ العام 2019م، ياسر وزملاؤه في المجلس العسكري يحمد لهم انحيازهم لثورة الشعب وقرروا وضع الضربة النهائية لنظام البشير فلولا قناعتهم وتعاونهم لما انتهى النظام بتلك الطريقة ولما فتح المجال لعهد التغيير ( مهما كان اختلاف الناس حوله) فالنظام حينها قد استنفد كل اغراضه ولا كان هنالك أمل للبقاء في الحكم، فتذاكر التمديد قد نفدت من خزينته حينها، هذا فضل يحفظ لهولاء الضباط لا يمكن نسيانه.
ايضا بعد عامين من استمرار الشراكة وبسبب جشع بعض القوى السياسية ومحاولتهم للانفراد بالحكم دون شرعية شعبية ولا تفويض جماهيري قررنا معا الوقوف ضدها وانهاء تلك الشراكة في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م، ولكن تعثرت خطوات البناء لما بعدها لاختلاف اجندة من قادوا التغيير حينها، فظلت الأوضاع على ماهي عليه حتى قدم الاتفاق الاطاري في الخامس من ديسمبر ٢٠٢٢م الذي ادخل البلاد في هذا الصراع الدموي الذي نعيشه اليوم .
اصطفت القوى السياسية لمعسكرين متجاوزين خلافاتها التاريخية، نركز فقط على معسكرنا، فنحن من جانبنا اصطفينا بجانب مؤسسات الدولة الشرعية كموقف لقوى سياسية وطنية في مثل هذه الظروف، بغض النظر عن قيادتها، وقلناها علنا خلال ساعات من بدء الهجوم، بل عملنا بجانب القوات المسلحة في معركة الكرامة ومازلنا، ولولا عمل واصطفاف القوى الوطنية لما كان الثبات والمواجهة ضد اختطاف الدولة وتجريف الحياة العامة، تجاوزنا كل ما من شأنه من قضايا قد تعرقل تماسك الجبهة الداخلية، فالنصر في مثل هذه المواقف عماده وحدة الصف وتجاوز الأطماع الشخصية .
ولكن في الفترة الأخيرة ورغم الهزات التي تعرض لها الجبهة الداخلية من عنف والنكسات التي مرت بها من سقوط المدن والفرق والحاميات العسكرية واحدة تلو الأخرى ورغم ما افرز ذلك من واقع مؤلم وتحديات داخلية وخارجية على المواطن وعلى عاتق القوى السياسية التي اصطفت بجانب القوات المسلحة فإننا ظللنا نستمع لرسائل سياسية سلبية تثير قضايا خلافية وهي قضية الحكم كيفيته وهيئته وطريقته ! في وقت إذا ما انجزت قيادة القوات المسلحة مهامها الفنية والدستورية لكفتها شر لعنات كراسي الحكم التي تذوق سعيرها كل من مر على الحكم في السودان .
قضية الحكم وتوزيع المهام والسلطات والسياسات فيها هي احدى صميم القضايا التي يجب بحثها من كل الأطراف في البلاد السياسية والمدنية والعسكرية، فلا احد بيده فرض شروطه على الآخرين لانه في المقام الأول قضية جوهرية ليست فرعية ، ولم تفوض القوى السياسية اي جهة لتقرير مصير البلاد لوحدها.