هيئة علماء السودان ترفض الوثيقة الدستورية المعدلة لهذا السبب (…)

في ظل الأوضاع السياسية المتأزمة التي يعيشها السودان، أعلن الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة بيانًا عاجلًا يعبر عن رفضه القاطع للوثيقة الدستورية والتعديلات التي أُجريت عليها. وجاء البيان ليؤكد أن هذه الوثيقة تمثل خطرًا على الهوية الإسلامية للسودان، وتفتح الباب أمام العلمانية التي تصادم شريعة الإسلام وتؤسس لأزمات مستقبلية.
الوثيقة الدستورية: خلاف جوهري مع الهوية الإسلامية
أكد الاتحاد في بيانه الصادر يوم 24 فبراير 2025، الموافق 25 شعبان 1446 هجري، أن الوثيقة الدستورية حتى بعد التعديلات الأخيرة، لا تزال تتعارض مع المبادئ الإسلامية التي تشكل أساس هوية الشعب السوداني. وأشار البيان إلى أن الوثيقة تساوي بين الدين الإسلامي والمعتقدات الدينية الأخرى، بالإضافة إلى اعتمادها على التوافق الشعبي والقيم والأعراف كمصادر للتشريع، وهو ما يعد مخالفًا لشرع الله.
وقال الاتحاد: “إن الوثيقة الدستورية تمهد للعلمانية وتصادم شريعة الإسلام، وتمس هوية المسلمين، وتؤسس لأزمات متفاقمة”. وأضاف أن هذه الوثيقة تتعارض مع إرادة الشعب السوداني الذي اختار الإسلام دينًا له، ورضي بالقرآن دستورًا.
في بيانه، قدم الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة مجموعة من المطالب التي يجب أن تتضمنها أي وثيقة دستورية مستقبلية، مؤكدًا أن الإسلام يجب أن يكون هو المصدر الوحيد للتشريع. ومن أبرز هذه المطالب:
1. الإسلام دين الدولة: يجب أن تنص الوثيقة الدستورية على أن الإسلام هو دين الدولة وهوية أهله، كما هو الحال في العديد من الدول العربية والإسلامية.
2. شريعة الإسلام مصدر التشريع الوحيد: لا يجوز تسوية شريعة الإسلام بغيرها من المصادر، سواء كانت معتقدات دينية أخرى أو توافقًا شعبيًا أو قيمًا وأعرافًا. وأكد الاتحاد أن وضع تشريعات بشرية تخالف شرع الله يعد شركًا بالله ومنازعة له في أمره.
3. حقوق غير المسلمين: يجب أن تراعي الوثيقة حقوق غير المسلمين التي كفلتها الشريعة الإسلامية، بما في ذلك حقوقهم الدينية والشخصية.
4. أهل الاختصاص: يجب أن يتولى وضع الدستور أهل الاختصاص من العلماء المسلمين الذين يتمتعون بالعلم والرزانة، ويعرفون المصالح وضدها.
حذر الاتحاد من التردي السياسي والأمني والاقتصادي الذي يعيشه السودان، ودعا السلطات الحاكمة إلى تحمل مسؤولياتها في تخفيف وطأة الفقر، وحفظ الأمن، وجمع الكلمة، وتهيئة البلاد لمرحلة جديدة من الاستقرار. وأكد أن أي انتهاك لحدود الله وخيانة لحقوق الشعب ستؤدي إلى مزيد من التدهور.
في ختام البيان، دعا الاتحاد كافة أبناء السودان إلى الاعتصام بحبل الله المتين، وترك التنازع والاختلاف الذي يؤدي إلى الفشل. واستشهد بقول الله تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا” (آل عمران: 103). كما دعا إلى تجاوز العصبية القبلية والعرقية، مؤكدًا أن التقوى هي مقياس التفاضل بين الناس.
يأتي هذا البيان في وقت حرج يعيشه السودان، حيث تتصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية، وتتعرض الهوية الإسلامية للخطر. ويبدو أن الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة يريد أن يذكر الجميع بأن أي حل للأزمات الراهنة يجب أن يكون مستمدًا من الشريعة الإسلامية، وأن أي محاولة للتخلي عن هذه الهوية ستؤدي إلى مزيد من التدهور.