مقالات الرأي

حفلات بورتسودان والحرب التي لم تضع أوزارها بعد

إذا كانت السلطات المختصة بمدينة بورتسودان قد منحت، مساء الخميس، إذنًا بإقامة حفل غنائي بصالة الأمل، فإن من واجب أئمة المساجد والخطباء في المدينة أن يذكّروا الناس بأن الحرب لا تزال مشتعلة، والبلاد لا تزال تنزف. الفاشر ما زالت تُقصف، والمليشيات المتمردة لا تزال تستهدف المدن والمناطق الآمنة بالطائرات المسيّرة. وفي ذات الليلة التي أقيم فيها الحفل، ودّعت مدينة عطبرة عددًا من أبنائها النازحين، قضوا نحبهم تحت شظايا طائرة مسيّرة أطلقتها قوات الجنجويد.

وإن كانت الجهات الأمنية قد منحت الحفل إذنًا رسميًا ووفرت له الحماية، فليُوجّه سؤال إلى المدير العام للشرطة: كيف سُمح لعربة فارهة، مظللة بالكامل وبدون لوحات، بأن تتجول داخل مدينة بورتسودان وتدخل إلى مطارها بهذا الشكل المخالف للقانون؟! من المسؤول عن هذا الاستهتار بالضوابط في مدينة تعتبر اليوم العاصمة المؤقتة للدولة؟

ثم نسأل: أين كان هذا الفنان الذي يُحتفى به، طوال سنوات الحرب والمعاناة؟! نحن لا نحمّل الجهة المنظمة للحفل كامل المسؤولية، فهي تنفذ ما يُتاح لها، بل نسأل عن تلك “الأيادي الناعمة” التي تسعى لتطبيع الفوضى باسم الفرح، وتفتح الأبواب لفنانين لا يستقبلهم سوى مندوب من لجنة “الإيفنت”، دون اعتبار لحساسية اللحظة وظروف البلاد القاسية.

ما يجري في بورتسودان ليس مجرد احتفالية، بل مؤشر على حالة من الغفلة والتناقض بين ما تعانيه البلاد، وما يُراد فرضه من مشهد احتفالي مصطنع، لا يراعي مشاعر من فقدوا أبناءهم وأحبابهم تحت نيران الحرب.

عبد الماجد عبد الحميد

                 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى