
الأوضاع التي يعانيها السودانيون، والأخطار المحدقة بالوطن تتطلب قرارات كبيرة.. شجاعة .. تنظر للمصالح العليا لا المكاسب الضيقة الآنية أو قصيرة المدى.
حاليا لاعبان أساسيان في الملعب السوداني.. البرهان والحركة الاسلامية.. دون الربط بينهما؛ ما يتوفر تحت أيديهما من أدوات الفعل والحركة والقدرة على التاثير المباشر على حيثيات الوطن، هي الأكبر بين كل اللاعبين الآخرين..
لكن – و بصراحة – لكل منهما حساباته السياسية..
رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان يحمل في يده بوصلة تشير نحو أسهل الطرق للبقاء في السلطة.. بلا أدنى ارتباط بين السلطة ومصلحة الوطن أو المواطن.. سلطة من أجل السلطة..
الحركة الاسلامية .. هي الفصيل الأكثر امتلاكا لأدوات الفعل.. وكانت بعد سقوط الحكم الدكتاتوري في 11 أبريل 2019 في أضعف حالاتها و راغبة في معادلة وسط تحفظ وجودها في مقابل عدم اعتراض طريق الثورة.. لكنها وجدت من يصعد في رأس التل ويصرخ (أين القطط؟).. فخرجت والتهمت بسهولة فأر القوى السياسية السَكَرى بخمر السلطة، ولم يكونوا مؤهلين أو قادرين على الامساك بمقودها.
وكانت النتيجة أن القوى السياسية التي انتصرت في الثورة.. الآن خارج الوطن.. والقوى السياسية المهزومة التي أطاحت بها الثورة تتربع داخل الوطن بل تمسك بمفاتيح الحركة والسكون.. صورة كاراكتيرية تبين حال السودان.. الذي تعود شعبه أن يطيح بالدكتاتوريات ليسلم الحكم للقوى السياسية ذاتها التي تعيدها من حيث أتت.. في يد الدكتاتورية..
نحن في حاجة لاصلاح الملعب السياسي بالحكمة.. الطرف الذي يملك أوراق اللعبة – الحركة الاسلامية- مطالب أكثر من غيره بشجاعة المراجعة والتنازلات الجريئة.
أولا : يصدر قرار طوعي بحل الحركة الاسلامية.. الإسلام ليس حركة ولا يجب أن يكون علامة سياسية.. فهو دين العالمين من إنس و جن.. مملوك على الشيوع للكل.. وهذا القرار لن يكون بدعة .. إذ سبق أن أصدر زعيمها الدكتور حسن الترابي قرارا بحلها في التسعينات لكن في موجة المفاصلة والانقسام والصراعات أعادوها لتكون سلاحا في معركة بين المؤتمر الوطني والشعبي.
حل الحركة الإسلامية يخفف عبئا ثقيلا على الوطن كله.. بعد الورثة الثقيلة من تَركة حُكم استمر 30 سنة أفقدت السودان رُبع أرضه وخُمس شعبه.. واشعلت النيران في دارفور و جنوب كردفان والنيل الأزرق.
ثانيا : أما حزب المؤتمر الوطني فقد طوى التاريخ صفحته.. ليس من الحكمة افتراض أن ما حدث في 11 أبريل 2019 محض خيانة أو مؤامرة كما يدعي البعض هربا من الحقيقة.. الشعب السوداني خرج عن بكرة أبيه احتجاجا على الفساد والافساد الذي احتكر لرجل واحد حكم البلاد +30 ثم يطمع أن يزيد.. هذا في حد ذاته عين الفساد..
و حتى لا نضيع الوقت في مجادلة حالة الانكار السائدة.. فليصدر قرار طوعي -أيضا- من المؤتمر الوطني يعلن حله تماما.. ولا حرج بعد ذلك أن تختار عضويته ومن يرغب في الالتحاق بها اسما جديدا لحزب جديد.. بمنهج تفكير جديد.. وهياكل جديدة.. وقيادة جديدة تواكب المرحلة.
من كان يعبد المؤتمر الوطني ، فإن المؤتمر الوطني قد مات… ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت..
هذا القرارت ينقلان السودان إلى أفق جديد.. داخليا وخارجيا.. ويفتح طريقا صاعدا نحو بناء دولة جديدة حديثة.. يستحقها أهل السودان.
حديث
المدينة الثلاثاء 1 يوليو 2025