القاهرة
لا يزال التوتر بين مصر وإثيوبيا يتصاعد على خلفية إعلان أديس أبابا، الثلاثاء الماضي، الافتتاح الرسمي لسد النهضة، في خطوة اعتبرتها القاهرة “تصرفًا أحاديًا” يهدد مصالحها المائية.فبعد ساعات من تقديم مصر شكوى رسمية إلى مجلس الأمن، ردت إثيوبيا بخطاب اتهمت فيه القاهرة بمحاولة زعزعة استقرارها وعرقلة المفاوضات، مؤكدة تمسكها بما وصفته بـ”حقها المشروع” في الاستخدام العادل لمياه النيل، فيما وصفت إصرار مصر على “الحقوق التاريخية” بأنه “عقلية استعمارية”.وفي خطابها إلى المجلس، شددت القاهرة على أن نهر النيل يمثل “مصلحة وجودية”، محذرة من محاولات إثيوبيا فرض هيمنة أحادية على موارده، ومؤكدة التزامها بقواعد القانون الدولي، خاصة بعد ما وصفته بانتهاكات أديس أبابا الأخيرة في النيل الأزرق وإقامتها حفلًا رسميًا لتشغيل السد.مفاجآت من الافتتاح
ورغم الأجواء المشحونة، كشف خبراء مصريون أن صور وفيديوهات حفل الافتتاح حملت ما وصفوه بـ”المفاجآت السارة”.وأوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن الصور أظهرت توقف التوربينات عن العمل وفتح عدة بوابات لتصريف المياه، ما يعني أن كميات كبيرة منها تتدفق بالفعل إلى مصر والسودان.وأشار إلى أن عدم تشغيل سوى 6 توربينات من أصل 13 يعكس “عدم كفاءة تشغيلية”، لافتًا إلى أن هذا الوضع يضمن وصول كامل حصة مصر المائية هذا العام.أعباء مالية وسياسية
من جانبه، اعتبر وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، أن الافتتاح يكشف عن “مشكلات فنية خطيرة” قد تمس سلامة السد، مضيفًا أن الهدف الأساسي المعلن للمشروع، وهو توليد الكهرباء، لم يتحقق بصورة كاملة.وأوضح أن بيع الكهرباء داخليًا بأسعار مدعومة لا يغطي تكاليف التشغيل، ما يشكل عبئًا ماليًا وسياسيًا على أديس أبابا، داعيًا إياها إلى التعاون مع مصر والسودان والعودة إلى طاولة المفاوضات.أزمة ممتدة
وبتدشين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للسد رسميًا، بعد نحو 14 عامًا من بدء إنشائه، دخلت الأزمة مرحلة جديدة من التصعيد، مع تمسك مصر بموقفها الرافض لفرض سياسة الأمر الواقع، وتأكيدها احتفاظها بحق اتخاذ ما يلزم من تدابير لحماية مصالح شعبها المائية، وفق ميثاق الأمم المتحدة.