الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي تحت عنوان قدوات نسائية
عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، الحلقة الأولى من الموسم السادس عشر من برامجه الموجهة للمرأة والذي يأتي تحت عنوان “قدوات عابدات”، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، وجاءت الندوة الأولى من البرنامج السادس عشر بعنوان”قدوات نسائية”، وحاضر فيها كل من؛ د. دينا سامي، مدرس التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، ود. هدى عرفان، مدرس الحديث بجامعة الأزهر، وتدير الندوة د. حياة العيسوي،الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.
أوضحت د. دينا سامي، أن القرآن الكريم احتفى بسيرة الصالحات المؤمنات ولم يتغافل عن أهميتهن ودورهن في البناء والتنشئة باتخاذهن قدوة صالحة، ونبراسًا مضيئًا ينير دروب الخير والسعادة لكل امرأة مسلمة، فعلى سبيل المثال، قُص علينا سيرة امرأة فاضلة عابدة واثقة بربها، هي السيدة “امرأة عمران ” أم السيدة مريم عليها السلام، والتي سميت سورة في القرآن باسمها، وجدة سيدنا عيسى عليه السلام، ولا عجب في ذلك فهى من بيت يضيء بالطاعة، ويحيا بالذكر والعبادة، بيتٌ يعلوه الاصطفاء و الورع والعلم والحكمة، فجاء نبته نبتاً صالحاً {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ}، فالسيدة امرأة عمران كانت أما عابدة تعلم جميع السيدات أن لديهن سلاحاً قوياً وهو الدعاء للذرية بالصلاح والهداية؛ لينالوا التوفيق والسداد، فقد أحاطت دعائها بالنية الصالحة وأن يتقبل الله منها ما نذرت، فالأعمال بالنيات ولكل امريء ما نوى، فكافئها الله وتقبل نذرها، قال تعالى{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، كما أرانا في ذريتها معجزة من أعظم المعجزات وهوسيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، وهكذا ينبغي على الأمهات أن تحذر من الدعاء على أبنائها وفلذة كبدها وقد نهانا رسول الله ﷺ عن ذلك، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم ، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وتابعت: ومن النماذج التي سطرها القرآن الكريم وضرب بها المثل في الصبر والتفاؤل والثقة وحسن الظن بالله امرأة فرعون السيدة ” آسية بنت مزاحم ” من أكمل النساء والتي من فضائلها اختيارها القتل على الملك ، والعذاب في الدنيا على النعيم الذي كانت فيه ودعت ربها قائلة { رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } وحينما يعرض القرآن هذه النماذج من القدوات العابدات فليس الغرض منها هو الإعجاب السالب والتأمل التجريدي الذي لا يعقبه فكر ولا تدبر واعتبار ؛ وإنما لتظل هذه النماذج ماثلة أمام أعين كل امرأة تستلهم منها المعاني الرفيعة والقدوة الحسنة.
من جهتها بينت د. هدى عرفان، أن عليًا رضي الله عنه تقدم للنبي ﷺ للزواج من ابنته فاطمة، فقبِل النبي ﷺ وكان مهرها أربعمائة وثمانين درهما، فأعطاها للنبي، وأمر النبي ﷺ أن يجهزوها: بسريرٍ، ووسادة من جلدٍ حشوها ليف، وطاحونة، وسقاء، وجرتين، فالنبي ﷺ اختار لابنته رجل يحب الله ورسوله، هو من أشد الناس جرأة وقوة، حمل باب خيبر وقاتل به، وكان شديد الحياء، وشديد الحب للسيدة فاطمة، ولكن كان قليل ذات اليد، ولكنه القوي الأمين، وكانت فاطمة تعيش في حياة مليئة بالتعب الشديد، فلم تكن تعيش حياةً منعمةً مترفة، فرسول الله ﷺ قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وقضى على علي بما كان خارج البيت، فجاءت فاطمة رضي الله عنها يوماً تشكو إلى رسول الله ﷺ تشقق يديها من كثرة العمل، فقال لها رسول الله ﷺ (ألا أدلكما على خيرٍ مما سألتما؟ إذا أويتما إلى فراشكما – فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين، فهو خيرٌ لكما من خادم) – رواه البخاري، قال علي رَضِىَ الله عَنْه : فما تركتها منذ حدثتني فَاطِمَة بأنها سمعته من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فالذي يلازم ذكر الله يعطى قوة أعظم من القوة التي يعملها له الخادم أو تسهل الأمور عليه بحيث يكون تعاطيه أموره أسهل من تعاطي الخادم لها.
وذكرت د. حياة العيسوي، أن المولى عز وجل حين قال {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، فكان هذا مثل ضربه الله للمؤمنين أنهم لا تضرهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم، فكان فرعون أعتى أهل الأرض وأكفرهم وما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها، ليعلموا أن الله تعالى حكم عدل لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره، وقيل : كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس، فإذا انصرف عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنة، وقيل : كانت امرأة فرعون تسأل من غلب؟ فيقال: غلب موسى وهارون، فتقول: آمنت برب موسى وهارون، فأرسل إليها فرعون فقال: انظروا أعظم صخرة تجدونها، فإن مضت على قولها فألقوها عليها، وإن رجعت عن قولها فهي امرأته، فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء فأبصرت بيتها في الجنة، فمضت على قولها وانتزعت روحها وألقيت الصخرة على جسد ليس فيه روح، فقولها رب ابن لي عندك بيتا في الجنة، فاختارت الجار قبل الدار، وجوار الله عز وجل خير جوار .